الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

كفر

ما زلت أقاوم رغبتي الحادة في التقيؤ... شيءٌ ما يدفعني لأن أكره حياتي بشدة... هاهي الشمس تُشرق على يومٍ جديد من أيام "كفر" ....
خرجت من البيت قاصدة المكان الوحيد الذي أعرفه أكثر من بيتنا "الجامعة" وبصدفة لم تكون متوقعة أبداً التقيت به... مر عامان كاملان على آخر مرة رأيته فيها... "مصطفى" أو الرجل المجنون كما تُطلق عليه السيدات في البلد, إلا أنه لا يعاني خللاً عقلياً, لكنه يُعاني اضطرابات دماغية.... نعم.... أحياناً يُعاني اضطرابات وهلوسة ويُقدم على تصرفات غير مسؤولة ويثير الذعر والرعب في المنطقة... وإن كان هذا هو وصف الجنون فهو إذاً مجنون لكن (عليه حرج) لأنه ليس مريضاً عقلياً أو نفسياً إنما يعاني خللاً في وظائفه الدماغية بسبب ذلك الشيء الذي يتعاطاه والذي تنحصر معلوماتي عنه في أن اسمه يشبه اسم برشام الصُداع....
قبل عامين... عندما رأيت "مصطفى" لأول مرة كان لقاءً عابراً لكن مُعبراً جداً.... كان كُل شيءٍ في مكانه كما هو الآن... موقف العربيات... والقهوة البلدي... وكان مصطفى واقفا إلى جوار السيارة التي أركبها وعندما مررت من جواره أنا وصديقتي سمعته يقول"ربنا يوفقكم" لا لشيئ غير أننا نحمل كتباً مما يدل على أننا طلبة.. ساعتها احترمته جداً وأدركت أنه ليس سوى انسان عادي طيب القلب ربما جنت عليه الظروف وحوله المجتمع إلى بلطجي لكنه لم يكن كذلك... لم نسمع من قبل أن مصطفى قتل شخص أو تحرش به لكنه كان يثير الذعر... كثيراً ما وقف أمام منزلنا تحديداً (لأنه في موقع استراتيجي جداً) ويهلل ويسب ويخلع ملابسه وبستل "سنجة" ويجري خلف الناس في الشارع.. ويصرخ على أؤلئك الذين تجمعو في البلكونات" خشو جوا".. مقترنة بجرعة مكثفة من السباب... وكنت أنا أراقبه من خلف باب البلكونة حتى لا يراني.. ولا أعرف لما كنت أشعر وكأنني أشاهد فيلم لفريد شوقي... وأشعر برغبة جامحة في التصفيق بعد انتهاء العرض.... وأتخيل أنني سأطلب منه في يوم ما بكل أدب "ممكن تمضيلي ع الاوتوجراف لو سمحت" باعتباره بهلوان في سيرك.... وبالنسبة إلي كان شيء جديداً لأول مره أراه في حياتي.....وكنت أعرف أنه مدمن... فاشفق عليه كثيراً.... كيف وصل هذا الشاب إلى هذه الحالة المزرية.... ثم اختفى مصطفى لنعتقد أنه قُبض عليه فيمن قُبض عليهم بعد أن وضعت الثورة أوزارها وتسلم الجيش حكم البلاد إلا أنه ظهر اليوم ليطيح بكل آمالنا في حياة هادئة وليثير الرعب من جديد...
لم أكن خائفة _طبيعي_ وقفت إلى جوار سيدتين وفتاة .. وجدته يقترب منا ويسأل عما اذا كنا ننتظر سيارة , التفت إليه دوناً عن الباقين وهممت بالإجابة... وجدته يضحك بطريقة هيستيرية مريبة... شيءٌ ما خاطئ في هذا الرجل... أقترب مني كثيراً... بدأت أشعر بالتوتر... بل الخوف.. بل كنت أرتعد من الداخل لكني ساكنة وهادئة جداً من الخارج... يقولون أن الكلاب تستطيع شم راحة الخوف.. لذا يمكنها أن تهاجم الشخص الخائف.. عندما ترى كلباً شرس حاول التفكير بأي شيء آخر.. لا تستسلم للخوف.. تحكم في ضربات قلبك وسرعة تنفسك.. إن اقترب منك لا تطلق ساقيك للريح لأن الكلب أسرع من الانسان.. سيمزقك حتماً بين أنيابه...
أقترب مني كثيراً كان خلف ظهري تماماً ... توقفت حتى عن التنفس... تُرى ما الذي يمكن أن يحدث الآن.. لماذا لا أركب "مريات الجنب" لأتمكن من رؤية ما يدور خلف ظهري... استمر في ضحكه الهيستيري... الآن لا يمكنني تجنب الموت... توقفت أنفاسي... توقفت ضربات قلبي.. توقف الزمن... فكرت في كل الاحتمالات.. هل يمكنني أطلق ساقاي الآن؟.. مازال البيت قريب على بعد 10 أمتار فقط... لكني أصبت بشلل مؤقت... هل يمكنني الصراخ الآن؟؟ ربما يخاف.. ربما يتجمع الناس... لكني أصبت بخرس مؤقت أيضاً... لم أركض.. لم أصرخ.. كان موقفي ثابتاً تماماً.. "لو لم تكن شجاعاً فعلاً فقط تظاهر بذلك لن يعرف الناس الفرق" ... لابد أنه يخاف مني الآن كما اخافه تماماً... لم أكن مدركة حينها سبب ضحكه المريب... لم يكن في وعيه .. الآن يمكنه أن يفعل أي شيء... ابتعد... انها معجزة.. لم يحدث شيء.. أتى الميكروباص... قفزت فيه بسرعه.. قفزت إلى جواري الفتاة التي كانت واقفة... أمسكت يدي.. نظرت إليها.. كانت تعتصر معصمي عندما قالت: أنا خايفة قوي.. انتهت حالة الخرس... وجدتني أقول _ ولا أعرف كيف _ "متخافيش.. أنا معاكي"... كيف يمكن لفتاتان ترتعدان من الخوف.. أن يطمئنا لوجودها معاً؟.

الأحد، 29 ديسمبر 2013

الواد أبو عيون خُضر

أنظر للشاب الواقف أمامي في الاوتوبيس... أنظر لـ"سامية صاحبتي" التي تجلس بجواري.. أميل عليها هامسة "الواد ده أمور قوي"... تنظر هي الأخرى.. ثم تميل عليا هامسة "يخربيت لون عنيه".. أقول " شفتي عنين البت فريدة صحبتي.. نسخة منها... بس مبتبانش من تحت النضارة"... تقول: "أيوه أنا شفتها أول مرة من غير النضارة اندهشت" ونتبادل الحديث حول العيون والنظارات واللينسز وعمليات الليزك وأقاربنا الشقر وجداتنا ذوات العيون الزرقاء متحصرين على إن ملناش في الطيب نصيب.. ننظر للشاب من حين لآخر ولا نعتقد أنه يرانا... أخيراً تأتي المحطة التي سننزل فيها.. انزل أنا وسامية.. أجد الشاب ينزل خلفنا.... انبه سامية "الحقي الواد نزل ورانا"
ـ مُعجب ده ولا ايه؟؟
ـ مُجب بإيه؟؟ اتنيلي... ( أفكر)... يكونشي..!!!
ـ يكونشي ايه يا بت؟؟ قلقتيني
ـ يكونشي ناوي يخطفنا
(نسرع في الخطى.. ويسرع الشاب محاولاً اللحاق بنا)
تقول ساميه: مدي .. مدي .. احنا اللي جبناه لنفسنا.
(أكتشف أن الشاب أصبح قريباً جداً منا... يهم بالتحدث إلينا فأصيح)
ـ أجري يا سامية.
نجري ويجري الشاب خلفنا... أفكر أن أصيح "حرامي" لكن الحرامي مبيجريش ورا حد يمكن يمسكونا احنا...
ندخل من شارع لشارع حتى لا نجد له أثراً.. أخيراً نجلس على الرصيف لنلتقط أنفاسنا... نبدأ في الضحك " يالهوي... كنا هنروح في أبو بلاش"
ـ يخربيت كده انا تعبت مش قادرة آخد نفسي.
ـ متعاكسيش حد تاني يا حيوانه.
ـ هففففففففف (تنهيدة طويلة) ... أنا كنت متخيلة إن احنا مش هنروح النهاردة.

فجأة نجد الشاب أبو عيون خضر واقفاً أمامنا مباشرة.. ودون أن يترك لنا أي فرصة للذهول والاندهاش أو الركض.. أجده ممسكاً بمحفظتي الرمادية.. قائلاً بتهدج : اتفضلي يا آنسة.. المحفظة بتاعتك... وقعت منك وانتي بتنزلي.

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

عن الهدوم اللي مبتغسلش نفسها

تستعصي الكتابة عندما تكتشف في منتصف القصة أنك لم تكتب شيء... وعندما يصل التلبك المعوي الى رأسك فلا يسعك التفكير في أمر آخر غير آلام معدتك... تتوقف بين الأسطر لتتنهد تنهيدة طويلة... ثم تجري بسرعة خلف أفكارك لتحاول اللحاق بها.. تقف مجدداً في وقتٍ ما من القصة لتكتشف أنك أضعت أفكارك... وأنك تنهدت كثيراً ولا تتمكن من المواصلة... أتذكر كلمات الدكتور " لاتحاولي بذل جهدٍ خرافي"... كيف يمكنك أن تمنع سوبر مان عن الطيران لأنه مصاب بشد عضلي في رجله؟؟
مؤكد أنه ليس الركض خلف أفكاري هو ما يتعبني.. توجعني الأفكار التي لا تنكتب.. التي لا أقوى على كتابتها.. .. أتمنى أن تكون الحياة أبسط بالنسبة إلي.... أن تكون الكلمات كلها بسيطة للحد الذي يمكنني من التصريح بكل ما هو بداخل صدري جملة واحدة... اتمنى فقط أن تنسال الكلمات من بين يدي بنفس البساطة والعفوية التي تخرج بها من فمي... أتمنى فقط أن أتوقف عن الركض خلف الكلمات والمعاني والالتفاف حول الحقائق ... أتمنى أن تكون أفكاري واضحة كالحقائق ... وأن أتوقف عن الخلط بين ما أراه في الأحلام وما أراه في الواقع.
اتذكر كلمات رحاب بسام " الصفحة البيضاء هي الموت.. هي قبري الذي ينتظرني" ... أتذكر أيضاً أن الكتابة لا تأتيها في أوقات الفراغ بل وهي نائمة وهي متعبة وهي ينتظرها الكثير من الغسيل.... أنا أيضاً يحدث معي نفس الشيء.. أأجل النوم.. أأجل التعب.. أأجل الغسيل.. أأجل المذاكرة .. أأجل كل شيء حتى أنتهي من الكتابة.... لكن هنا تحديداً تأتي المشكلة... أفتح اللاب ... احاول تذكر الجملة التي كتبتها في رأسي وأنا أشرب والجمل التالية التي كتبتها قبل أن أفتح اللاب.. لا أجد شيء... تنتابني الرهبة أمام المساحة الشاسعة من البياض... أشعر وكأنني ضائعة في المحيط الأطلنطي... أعوم.. أعوم .. أعوم... ثم أسقط في حالة شبه اغماءة لأكتشف أنني لم أتناول ألافطار.. لم أتناول الدواء.. وأن الامتحان في الغد.. والملابس لن تغسل نفسها.
أذكر كلمات عبد الحميد " عاوزة تعملي حاجات كتير في نفس الوقت ولو معملتيش حاجة بتفضلي متضايقة ومكتئبة وممكن تتعبي بسببها" أرد بأني لا أفعل إلا الشيء الذي أريده في الوقت الذي أريده فقط عندما تأتيني الفكرة... وأنه لا يتحكم في تصرفاتي شيء إلا (فكرة طقت عملتها)... لكن هذا لا يبدو جيداً أبداً عندما أترك الطعام على النار لأكتب قصيدة جديدة ثم تنعدم الرؤية لأكتشف أن سحابة دخان سميكة تغطي البيت.... أكتب تحذير على الفيس بوك " محدش يتجوز كاتبة عشان هتسيب الأكل يتحرق ع النار"... ثم أقوم لأرتدي ملابسي لأذهب إلى الجامعة....  أكتشف أن الغسالة لم تمد أذرعها الالكترونية لتأخذ الملابس بنفسها من الدولاب... لا يمكنني الذهاب إلى الجامعة بملابس متسخة... أجلس على السرير... أقرر عدم الذهاب إلى الجامعة... أفتح اللاب... أقرر كتابة قصة رائعة عن الغسالة ذات الاذرع الالكترونية والفتاة التي تمارس الكتابة أكثر من ممارستها للحياة نفسها.

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

كيس شيبسي كبير بالخل

اهتماماتي أصبحت بسيطة جداً... آكل الحلويات في الصباح... في منتصف اليوم... في المساء.. في أي وقت يمكنني أن آكل الحلويات.... أستيقظ من النوم فجأة لأني جائعة لدرجة أنني حلمت أني "خطفت ورك الفرخة بتاع الراجل اللي كان بيتغدى عندنا وعملت سندوتش جبنة حطيت فيه علبة الجبنة كلها"... سأستيقظ لأتأكد أن كيلو البسبوسة الذي اشتريته اليوم لم ينتهي... أملأ الطبق بقطع البسبوسة.. دون أن أغسل وجهي أو يدي أجلس على السرير وأتناول البسبوسة وأنا شاردة الذهن تماماً... أفكر لماذا لا أحب "إينو"... أحاول استعادة الصفات الرائعة فيه... طيب, رومانسي,جدع وطويل... أهم حاجة انه طويل.. "ده حتى كمان شبه بابا... جواجبه.. بقه.. مناخيره...لون بشرته... ياخرابي ده كله بابا".. أقول لأمي: تفتكري يا ماما بابا كان متجوز واحدة تاني من وراكي وهيطلعلي أخوات ولاد؟؟ :D" ترد" ياشيخة اتنيلي"... تضيف أختي الصغيرة "بطلي الأفلام الهندي اللي انتي عايشة فيها دي".... أذكر عندما كنت مريضة وكان يسأل عني كل يوم ويقوم بحل الشيتات وتصوير المحاضرات من أجلي... كم هو شخص لطيف... أقول" مش عارفة أشكرك ازاي يابني عاللي بتعمله معايا" يرد: عيب يابنت .. متقوليش كده دنا أخوكي".... أخويا؟؟ ياماما أنا كان معايا حق.. "اينو" طلع أخويا.... أحياناً أشعر أنه لا يعاملني كأخته بل "كواحد صاحبه".... تدور الأفكار كلها في سباق مارثون طويل ينتهي بـ" محمد انزل هاتلي بعشرة جنيه شكولاته بالبندق".
يأتي الوقت أخيراً الذي سيتكلم فيه "اينو" بجديه ويفصح عن كل مشاعره المكنونة والمخبأة بداخل نفسه " ردت عليا ... أنا مش مصدق نفسي... بقولك ردت عليا"... أرد بغير اكتراث "ربنا يهني سعيد بسعيدة" وأعتذر لأني "لازم أقوم حالاً عشان اللبن بيغلي ع النار".... لا مشكله ؛ "إينو" أخي في الرضاعة
:D  هذا ما أقوله للجميع.... لكن حتى أي بنت لابد أن تغير من خطيبة أخوها لأنها ستأخذ حيزاً من حياته وستتقلص المساحة المتروكة لها في حياته... حتى يتزوج وتتلاشى هذه المساحة تدريجياً لتصبح مكالمة هاتفية كل عيد كبير.. واحياناً مسج.
لن يكفي طبق البسبوسة أو الـ"بعشرة جنيه شكولاته" وسأكتشف أنني مازلت جائعة.. أفتح الدرج لأكتشف أن "الخزين" خلص.. ولم يعد لدي أكياس شيبسى ولا علب بسكوت ولا أطباق زلابيا ... سأقرر أنه حان الوقت للخروج من المنزل... أذهب إلى صديقتي .. أتحدث معها كثيراً دون سبب واضح... أخيراً أتذكر محاضرات التاريخ.. امتحان التاريخ فاضل عليه اسبوع.. أنزل أنا وهي لنصور محاضرات التاريخ... نترك المحاضرات في المكتبه... وأقرر أنه حان الوقت للتسوق.. أريد جيبة سوداء.. جذمة بمبي... بوت بني... لكني سأشتري طرحة كحلي وطرحة سوداء.. أتذكر كلمات عامر خان في الفيلم "الفن بيعبر عن اللي جواك... لو مبسوط هتلاقي نفسك بتختار ألوان مشرقة.. لو عندك تلبك معوي هيطفح في اللوحة"... تقريباً هو ده التلبك المعوي اللي عامر خان قال عليه.
أعرج على سوبر ماركت قبل أن أصل إلى البيت.. أختار من صندوق يضعه بالخارج باتيه بالجبنة وباتيه بالشوكولاته ثم أقرر أنني أريد "المولتو".. أخطو إلى داخل المحل أبحث عن المولتو يستوقفني شيبسي بالخل أختار الكيس الكبير.. لا أجد الموتلو لكني أجد ثلاجة الشكولاته أختار أكبر قطعة شكولاته بالبندق.. أخيراً أجد المولتو... أضع كل الاشياء التي اشتريتها على ثلاجة الأيس كريم ليضعها لي الشاب في كيس... أرى فوق الثلاجة قطع بسبوسة مُغلفة.. لايوجد سوى ثلاث قطع آخذهم كلهم.. ثم فجأة أزيح كل شيء من فوق الغطاء الزجاجي للثلاجة.. يقول الشاب: عاوزة حاجة تاني... أنظر إلى الأيس كريم.. لكن : لالا كده كفاية قوي.. حطهملي في كيس بسرعة عشان لازم أمشي.
ـ ليه متخليكي قاعدة شوية؟
ـ أقعد أكتر من كده إيه... لا ده كده كفاية قوي.
عند كلمة "كفاية قوي" أجدني ممسكة بثلاث قطع أيس كريم مختلفة ... أيوه هو كده كفاية.
ـ مش عاوزة حاجة تاني؟
أجد اللبان... نعم.. ربما أذاكر ... ستكون ليلة طويلة .. لا يمكنني الاستغناء عن اللبان.. " آه هاخد كمان علبة لبان".
أدفع النقود وأنصرف.. ثم في الطريق أخرج محفظتي لأتأكد أن معي جنيه للمواصلات... لكني أفتش المحفظة و "ملاقيش ولا قرش ساغ"... أستمر في تنفيض المحفظة... أخيراً تسقط ورقة صغيرة جداً مطبقة بعناية... لا أذكر أي شيء عن هذه الورقة.. فتحتها ....  الورقة  عبارة عن لعبة "أكس أو" مكتوب أسفلها بالحبر الازرق بخط طفولي منعكش "بحبك يا مجنونة"... أعرف حينها أنني لن أذاكر اليوم.. لا حاجة للبان.. لا حاجة لكل هذه المشتروات .. ولا حاجة للطرحة السوداء.. وبالتأكيد محاضرات التاريخ عديمة النفع... جلست على الرصيف... أفكر ... أفكر... لا أفعل شيء سوى التفكير... ضحكت كسيدة عجوزة... بكيت كطفلة تائهة... عدت إلى المنزل كضحية قصف أمني بفنابل الغاز.... لاجئة .... هاربة من اللاوطن إلى اللاشيء ... أخيراً عرفت سبب أكلي للحلويات بشراهة.... ولماذا دائماً أختار كيس شبسي كبير بالخل.

الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

أنا مش هذاكر تاريخ

سأعرف أنني أكتب لأتهرب من الدراسة... أكتب بنهم في الساعات الأولى من الصباح... أكتب بشراهة في الساعات المتأخره من الليل... أكتب بتأني وهدوء بينما أشرب النسكافيه قبل المغرب... أكتب لكيلا أجد مساحة خالية في ذاكرتي للعمارة الهيلينية... أو ربما أحتاج إلى افراغ ذاكرتي لايجاد مساحة خالية تكفي فقط لأفهم الفرق بين ال" pitched roof" و الـ "intersected vault" ... لكن لا سبيل لذلك... لا سبيل للمحاولة أصلاً...
يصاحب شراهتي في الكتابة اضطراب حاد في مزاجي... ربما بدأ مفعول النسكافيه... أفقد شهيتي للطعام... أتمنى أن أغلق باب غرفتي وأغلق رأسي على المادة التي أذاكرها لأعرف أن الفرق بين الـ "
pointed arch" والـ"semi dome" هو تماماً كالفرق بين سمكة البيرانا وسحلية الغابات الاستوائية... شتان بين الاثنين ... لكني فقط لا أريد أن أعرف... أتذكر كلمات اسامة منير " مبتحاوليش... مبتحاوليش".
أمي أنا لازم أقولك على حاجة... تسأل بتجهم: حاجة ايه؟... أنا معنديش فرصة إني أنجح السنادي... لازم تبدأو تتقبلو إن يكون فيه واحدة مدبلّرة في العيلة... مهو انا خلاص زهقت وتعبت واللي بيحصل فينا ده كتير... ودون أن أعطيها فرصة للرد...أكمل.. وبعدين أنا هتخرج ازاي في المستقبل الضبابي والسنة اللي مش باينلها ملامح دي.. ولد في سنة أولى شافني وأنا بلون فاتن حمامة قالي"هو أنا ممكن أتعلم رسم الوشوش".. قلتله يابني احنا مبنتعلمش في الكلية دي عاوز تتعلم حاجة خد كورس... وبعدين يعني يا ماما أنا قلتلك من 3 سنين فاتو.... قلتلك حوشي مصاريف الكلية والملازم والماكتات والطباعة وافتحيلي محل أقف فيه.. مش كان زماني دلوقتي عندي سوبر ماركت قد الدنيا... لا أعطيها فرصة للرد على الاطلاق... وبعدين ياماما أختي بتقولي اني هتجوز وأقعد في البيت... أكرر على مسامعها ما قلته سابقاً لنفسي... مش حرام الخمسين جنيه اللي جبت بيها ملازم... مش كنت جبت بيها جيبة... يعني الملازم هتفيدني في ايه دلوقتي لما أسقط... أسكت لترد: والجيبة يعني هتعملك ايه؟؟
ـ هتعملي منظر قدام الناس... هو أنا لما أتخرج من هندسة هلبس الشهادة مثلاً.. الناس مبتشوفش الشهادات .. الناس بتشوف الهدوم اللي الواحد لابسها.... عامة أنا مكنتش عاوزة أدخل الامتحان... بس مش مشكلة أدينا بناخد خبرة للسنة الجاية... وبعدين أنا بقولك عشان تبدأي تتعاملي مع الموضوع عادي .... ثم تركتها وانصرفت الى غرفتي.. ثم الى المطبخ... وأخذت أردد " اصحى يا طالب مصر يا مجدع واعرف دورك في الكلية مهما تذاكر مهما هتتعب تعبك رايح للحرامية" أحب هذا الهتاف بالذات... التعب كله يذهب سُدى لا منا اتعلمنا ولا منا خدنا درجات... أكمل.. وبعدين الولد مات.. مكتوب في نتيجته البقاء لله....تزداد نبرة صوتي حدة وتزداد عصبيتي... أتذكر من الهتاف جملة أخيرة " ولا مستقبل بلا حرية" لا أذكر بقية الهتاف.... أدور في البيت معلنة حالة التظاهر... أردد.. محدش يستغرب لما يلاقيني ماشية بكلم نفسي... ده العادي والله ... ده الطبيعي... الناس كلها بتعمل كده.... الناس كلها بقت ماشية تكلم نفسها.... أنظر لأختي الصغيرة... على فكرة أنا مكنش لازم أشرب نسكافيه.... أتذكر في وقت سابق من هذا العام أحضرت أمي جمهور غفير من الشيوخ ليرقوني لأني كنت مصابة بحالة احباط... هي ظنت أنني محسودة ... أنا ظننت إن عليا عفريت... كنت أراه بين الصحو والنوم... لكن صديقتي "علياء" كانت ترى الموضوع بطريقة مختلفة ... "آية... انتي مش لازم تحبي تاني" ثم تضيف " تعالي نروح حفلة المغنى خانة في الساقية... مهو انتي لازم تخرجي من البيت عشان تخرجي من الاكتئاب اللي انتي فيه"..... يرى "هيثم" الأمر من وجة نظر مختلفة يقول" حولي من القسم أحسنلك... القسم ده انتحر منه ناس كتير.. بلاش توصلي للمرحلة دي".... هنا يأتي رأي "عبد الحميد" منافياً تماماً للآراء السابقة " طب ما نتتحري وتخلصي بدال من الحياة المقرفة دي" نبدأ في مناقشة أساليب الانتحار... أخيراً لا نصل الى طريقة سهلة... أو موتة مريحة بدون ألم "والانتحار أصلاً حرام".... أناقش مع "ياسمين" فكرة فقدان الذاكرة... لربما يكون الحل في أن أنسى كل شيء وأبدأ حياة جديدة كأني شخص جديد... أبحث على الانترنت عن كل ما يخص فقدان الذاكرة.. أخيراً اعرف أنه مرض نفسي... لايمكن لمرض نفسي أن يعالج مرض نفسي آخر.... ثم أكتشف دعوة عامة على الفيس بوك لانتحار جماعي... نعود لمناقشة أساليب الانتحار... يخبرنا "محمود" عن تجربته الفاشلة في الانتحار... يعرض لنا صورته عندما أنزلوه من الدور السادس قبل أن ينط.... يقنعنا في النهاية ان الواحد ممكن يتعايش مع الاكتئاب ويحبه ويقول"ان حياة الفسح والخروجات والتهييس أحسن بكتير من الانتحار" ... ثم نتفق في النهاية على مبدأ "الهكونا متاتا".... يرى الطبيب الأمر من زاوية مختلفة تماماً ... يكتبلي على مقويات وفاتح للشهية ومضاد للاكتئاب مقتنعاً بسذاجة ان هذا كفيل بصرف العفريت..... تستمر أمي في تخريم عيون الناس وحرق العرائس الورقية.... أشاهد الأفلام.. أعيش حياة الهكونا متاتا... أعود لادمان الفيس بوك... يختفي الاكتئاب تدريجياً... أو لنقل أنه يبقى في بياته الخريفي إلى أن يأتي شتاء روسيا وتأتي الامتحانات... ليعود معها عفريت المذاكرة... وأصاب بالجنون في هذه اللحظة تحديداً....  أخيراً يتفتق ذهني عن فكرة خرافية ... " احنا لازم نقدم طلب هجرة لعطارد"... تقول أختي: بلاش أفلام الخيال العلمي.
يأتي أسامة منير مرة أخرى كصوت الضمير... يزعق "مبتحاوليش"... لكن ما الفائدة من محاولة غير مجدية... " أنا بنفخ في قربة مقطوعة يا أستاذ منير"
ـ يبقى تسدي الخرم.
ـ كل ما أسدها من ناحية تتفتح من ناحية تاني.
لماذا أفعل شيء أعرف أن نهايته الفشل... الفشل ... الفشل... أتذكر القبطان عزوز " وانت جاي عند الفشل وبتزعق قوي ليه؟"... أتذكر كريم عبد العزيز في فيلم الباشا تلميذ عندما قل له حسن حسني " بتزعلك يا فاشل.. طيب يا فاشل يا فاشل يافاشل... يا فااااااااااشل" .... أتذكر نصيحة ثمينة كتبتها لأصدقائي محذرةً إياهم من مصادقة " العيال الدحيحة" وأثبت لهم بالبراهين أن الصديق الفاشل هو أعظم الأصدقاء على الاطلاق.. بل هو أعظم منح الرب على هذه الأرض... يغمرني الارتياح لأني أعرف أن لدي أروع الأصدقاء الفاشلين... ولأنني الصديقة الفاشلة المثالية... أقول لإيمان: أنا شكلي هدبلّر السنادي... تقول: لا يا آية انتي هتعدي... أنا اللي شكلي هبيت السنادي.
يتبارى كلٌ منا في اثبات أنه هو الذي سيدبلر بينما سينجح الآخر وكأنها مسابقة.... أخيراً أقول: لازم نسقط مع بعض... النجاح من غيرك ملوش طعم...
أتناول وجبة العشاء... يسود الهدوء البيت.. بعد ساعتين تنام أمي وأخوتي... أجدني وحيدة تماماً متدلية من إحدى المثلثاث الكروية التي تحمل القبة الكبيرة في كنيسة سانت بيتر..... أفتح اللاب وأقرر .. أنا مش هذاكر تاريخ.

الهروب هو الحل

أخيراً وبعد شهر كامل عاد كابل الانترنت... شعرت كأن المياه المقطوعة عادت.. أو "هيه النور جه".... أخيراً عادت إلي الحياة الطبيعية....
تكاثرت الأوراق فوق مكتبي "التاريخ, التخطيط, التحكم, الخرسانة" شعرت أن كل الأوراق تكتم على أنفاسي... لن أسامح نفسي على الخمسين جنيه التي صرفتها في تصوير هذه الأوراق.. "مش كنت اشتريت الجيبة السودة أحسن"... أتسائل ما الحاجة للاوراق طالما انني أعرف أنني سأرسب هذا العام... كانت الأوراق "خمسين" كيلو فوق صدري... شعرت بصعوبة في التنفس... ربما حان الوقت لأهرب بعيداً... في الليل عندما نام الجميع... حضرت نفسي... فنجان النسكافيه... علبة البسكوت... اللاب توب ... الشاحن... كابل النت... كتبت " أنا رايحة بلاد شبه الأحلام"... كان صديقي الفرنسي "رينيه" يشاطرني نفس الرغبة كتب "
this really a boo shit I wish I can go farther far away"... أغلقت صفحة الفيس بوك... فتحت برنامج "second life" ... كان علي شراء ملابس صوفيه لأن ملابسي الصيفية لم تعد تنفع في هذا الجو... النقود التي معي لا تكفي لشراء قطعتين.. اشتريت بلطو واحد طويل... بالطو شتوي على تنورة صيفية... هذا لا يهم... فأنا في الحقيقة أرتدي الدولاب كله... لا يهم ما تشعر به شخصيتي الأخرى في العالم الافتراضي... عزمني "رينيه" على العشاء في بيته بفرنسا... عرفني على أصدقائه... تناولنا الطعام... كان النسكافيه قد برد ولا يصلع للشرب... اكتفيت بشرب القهوة الفرنسة الساخنة مع "رينه".. أثنيت على القهوة "أو لالا ترى سويت".. ضحك "رينيه" قائلاً أن سويت ليست كلمة فرنسية... عبرت له عن رغبتي في زيارة فرنسا بكل معالمها " جو بو فيزيتى له فرانس مى جو نو بو با باغلى فغانسى" أضيف أني لا استطيع تحدث الفرنسية.. يضحك من جديد قائلاً ان لكنتي فرنسية تماماً.. أشرح له أن هذا بسبب مداومتي على سماع الأغاني لكن " جو فورجت لو فوكابيلير" يضحك أيضاً لأن "فورجت" ليست كلمة فرنسية... أقول أني نسيت كيف أقول نسيت بالفرنسية... نسيت أغلب الكلمات التي تعلمتها... لم يعلق بزهني سوى الجملة التي كان يلقنها لي مسيو "كرم" لألقيها في المؤتمر " لا بونيفيكاسيو سوني في لاكيغياسيون اى لو دوفولوبمو بور آن أبرغينو بوزيتيف إى شيغشى" يضحك رينيه أيضاً ويقول اني أصبحت أقلد نشرة الأخبار في نطق هذه الكلمات... أتذكر محاضرة التاريخ... سألتنا الدكتورة : مين فيكم راح فرنسا؟... ضحك الطلبة من هذا السؤال الغبي... رد أحدهم: لو كنا بنروح فرسنا مكناش جينا جامعة القاهرة... أرفع يدي وأقول أنا... تسألني الدكتورة  إذا كنت زرت كنسية "أنجولام" ... لأ أنا بس رحت بيت "رينيه" يضحك الطلبة أيضاً... تسأل: "رينيه" الشاعر؟؟
ـ لأ "رينيه" مون أمي.
يضحك الطلبة أكثر... وتضحك الدكتورة أيضاً... ثم تقول: يعني مروحتيش الكنسية؟
ـ لأ أنا أتعمدت هنا في مصر.
تتعالى ضحكات الطلبة وتصبح قهقهات مدوية وتتحول القاعة إلى ما يشبه السيرك... هنا تغضب الدكتورة.. تعرف أنني أسخر منها... أتمادى في السخرية: أصل يا دكتورة الجو هناك برد وبعدين الواحد بيتعمد مرة واحده في حياته... أرى مايكل يجلس في البنش اللي قدامي .. مش كده برضو يا مايكل؟ يجيب : أيوه كده.... تحاول الدكتورة تجاهلنا... وتتحلى بصبر يفوق صبر أيوب وتقول: طب حد شاف كنيسة نوتردام؟
أرفع يدي أنا أنا... تتجاهلني الدكتورة... أرفع صوتي : انا والله العظيم شفتها في فيلم "أحدب نوتردام"... تطردني الدكتورة من القاعة... أشعر بارتياح... لا أريد المزيد من حشو الرأس بتفاصيل زخرفة نوتردام تكفيني تفاصيل وجه "كوازيمودو" ـ أحدب نوتردام ـ يكفيني تذكر وجهه عندما بكى على "أزميرالدا"... يكفيني صوت أجراس نوتردام عندما يقرعهم "كوازيمودو" من أجل "أزميرالدا".... يخرج زملائي بعد انتهاء المحاضرة... نتندر عن أن الدكتورة تسأل ببداهة عن زيارتنا لفرنسا أقول: فرنسا ايه اللي نروحها .. هو حد فينا راح اسكندرية حتى"... يسألني أصدقائي: برضو ليه مروحتيش الكنيسة؟
ـ وأروح الكنيسة ليه طالما ممكن أصلي الضهر والعصر جمع تأخير في البيت.
يضحك الأصدقاء.... أخبر "رينيه" أنني أود زيارة "أنجولام" و"نوتردام"... يعدني أنه سيأخذني في رحلة عبر معالم فرنسا في الغد لأنه اليوم مشغول بسبب العمل على مشروع السيارات الطائرة... أنصحه بأخذ قسط من الراحة... أنصحه بترك
"second life"  حتى ينهي مشروع تخرجه... يضحك من كلامي لأنه يعرف أنني سأبقى في اللعبة لمدة ثلاث أيام متواصلة حتى تقرر أمي قطع الكهرباء عن المنزل بأكمله... هو يعرف لأن هذا السيناريو يتكرر كل اسبوع على مدار الثلاث سنوات الأخيرة.... يسألني لماذا أعيش كل هذا الوقت في هذه اللعبة بينما يمكنني أن أخصص بعض الوقت لحياتي الحقيقية.... أقول" أنا عندي كل حاجة هنا.. بيت وعربية وصحاب وكمان بقيت فنانة مشهورة وعندي معرض"
ـ بس انتي بترسمي بجد... ليه متدخليش معرض برسوماتك دي؟
ـ جربت... مفيش حاجة بتنفع.. الحياة مش سهلة زي هنا.. بس أنا مبسوطة.. لأن عندي هنا اللي معنديش في الحقيقة... وأديني كمان عايشة في فرنسا.. ده شيء محلمتش بيه في الحقيقة حتى.
ـ أنا قريت في جريدة ان فيه شاب قعد ع اللعبة دي لمدة اسبوع من غير أكل ولا شرب وبعدين لقوه ميت... أنا خايف لاتوصلي للحالة دي.
ـ اعتبرني وصلتلها
:D
ـ أنا خايف عليكي... انتي مدية اللعبة أكبر من حقها الطبيعي.
لا أعرف لماذا يسميها "رينيه" لعبة... انا أجدها حياتي الأخرى... هذا هو بالزبط ما تعنيه "سكاند لايف"... أنا حقيقية... ورينيه شخص حقيقي... وكل الموجودين هنا أشخاص حقيقية... لمن لا يعرف السكاند لايف.. هي عبارة عن برنامج ضخم وهائل ومعقد  في البداية تدخل على موقع يشبه موقع الفيس بوك .. عليك أن تنشئ الأكونت الخاص بك وتختار اسمك.. وتختار شكل شخصية
3D  يمثل سنك ولون بشرتك.. ثم تختار ملابسك التي ستبدأ بها.. تسطب برنامج يشبه مزيج بين الالعاب الثري دي وبرنامج سكايب وجوجل ايرث... حيث هناك مدن وبلاد ومعالم أثرية ومحلات ومدارس وبيوت وشخصيات كرتونية أخرى.. هم ليسو أكثر من شخصيات سُذج مثلك قرروا في هذا التوقيت بالذات يعملو "لوج ان" في البرنامج... قرأت مقال في مجلة العربي عن "السكاند لايف" منذ ثلاث سنوات.. " هي عبارة عن حياة أخرى يلجأ إليها بعض الشباب للتنفيس عن أنفسهم أو لتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في العالم الحقيقي..." .. "هل يكون العالم الافتراضي هو الحل في مواجهة أزمات العصر المتفاقمة؟"... "كيف يستطيع الجيل الجديد الموازنة بين الحياة الحقيقية والحياة الافتراضية؟"... " هناك يمكنك أن تذهب إلى أي مكان وتتعرف على أي شخص.. وحتى يمكنك اقامة علاقات غراميه مع من تريد"... هذا من نص المقال.
إذاً لا بأس أن تجد شاب وفتاه يتبادلون القبلات على ناصية شارع من شوارع "السكاند لايف"... سيعرف الشاب أنه لا يمكن أن يشعر بأي شيء.. لكنه سعيد لأن شخصيته الافتراضيه حققت نجاحاً غرامياً باهر لن يستطيع هو تحقيقه في الواقع.. خاصة عندما يكون الشاب من شُبرا.. والفتاه من أيرلاندا.....
 هناك ستقابل "سيرينا" من روسيا و"ظاهر" من باكستان و "جوزيه" من أسبانيا... وحتى يمكنك أن تقابل "علي" اللي ساكن في الشارع اللي وراكم..... هناك ستدرك أنك لست البائس الوحيد في العالم... وأن كم البؤس الذي في الحياة لايمكن أن يتراجع أو يتقهقر أمام فكرة عبقرية مثل " السكاند لايف"  وحدها لأنك ستكتشف مع مرور الوقت أنك أصبح لديك أكونتات في عوالم افتراضيه أخرى  مثل مدينة "مينجوفيل" وبرنامج "يوتون"... وحتى شات "للمجروحين فقط".

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

لا مزيد من الشعر

كنت أعرف ان هذا سيحدث
هذا الطريق آخرته لحن حزين
أتوقف أنا عن كتابة الشعر
تتوقف أنت عن كتابة الشعر
أنتظر أنا ذاك الذي لن يأتي
تنتظر أنت تلك التي لن تأتي
يتنهي صخبنا هذا بصمت عميق
تحاول أنت الانخراط في الحياة أكثر
تشاهد ألف فيلم وتستمع إلى مليون أغنيه
تبقى كل الوقت مع أصحابك
تخاف من الساعات القليلة التي تكون فيها بمفردك
تخاف أن تذكرها أو تتذكرها
تخاف أن تتألم لفقدها
وأنا أمرض... أُجبر على الجلوس بمفردي طويلاً
أُصاب بالهيستريا
أخيراً أنفجر في وجهك لماذا تركتني وحيدة
انت لا تعرف.. ولا أنا..
أستعيد هدوئي... أطلب من الجميع ألا يخبروك بحقيقة مرضي
يقول الدكتور أنني حزينة.. وأن هذا هو السبب الحقيقي وراء مرضي
أقهقه بشده لأخفي حزني... أنعت الدكتور بالأحمق.. كيف يقول أنني حزينة
وهل دخل إلى قلبي ليقرر... أقرر أنا أنني أسعد انسانة في الدنيا..
أحاول فعل أشياء جديدة... أتغير.. أظنني تغيرت...

أشتاق إليك بعد كل شيء... أوهم نفسي بأنك تشتاقني..

أحاول نسيان الأمر... أبحث عن حب جديد.. لكن بعدك لا أستطيع..
اقنع نفسي بأنك وجدت حبك... وأنني صفحة.. طواها النسيان..
لكنك تفقد حرارة عشقك.. تذبل قصائدك.. إذاً ليس هناك حب جديد
أحاول أنا أن أكتب قصيدة... أعتصر مقدمة رأسي.. أحاول اجترار الذكريات
.. أي شخص أحبته قبلك... أي شخص أحاول أن أحبه بعدك.. لكن يختفي كل شيء
لا يبقى سوى أنا وأنت ولا مزيد من الشعر.

الاثنين، 16 ديسمبر 2013

البُعد الرابع

كثيراً ما تمنيت ان أعرف إلى أين يأخذني هذا الصخب.... ومالذي تفعله تلك الأفكار المريبة في عقلي... أقتنعت بأنني أعاني حالة من الهلوسة لاأكثر... تجلني فقط ـ أتخيل ـ أني أحبك... وأني أكتب لك كل شيء... تجعلني أحياناً ـ أتخيل ـ أنك تبادلني نفس الشعور.. وأنك تعرف ان نتاجي الأدبي كله ـ حتى وإن كان عن الحديد المكسّح ـ موجه إليك بشكل شخصي..... العجيب في الأمر أن هلوساتي أحياناً تكون حقيقية.... أحياناً تكون الحقيقة أشبه بالهلوسة... لكني ميقنة تماماً أن هناك أشياء غريبة بعيدة عن قدرة البشر.. تحدث في مكان ما.... في زمن.... ما في..... بُعد ما... مكان آخر غير الأرض... وزمن آخر ليس قبل أو بعد الميلاد... وبعدٌ رابع غير الاكس والواي والزد.

الخميس، 12 ديسمبر 2013

ثرثرة

إذن لا بأس سأكتب عن كل شيء ... عن الفوضى العارمة... والسعادة التي لا تكتمل ... والوحش الذي أنتظره... لماذا اعامل نفسي كما لو كنت شخصية كرتونية خرجت للتو من عالم الكرتون إلى عالم البشر ولا تدري بعد ما يجب أن تفعله في هذه الحياة الجديدة؟
ربما لم أشأ أن أخرج من عالمي... لكن أين كان عالمي؟؟ متى كان؟؟ أنا لا أعرف.. هل يعرف أحد آخر.
لماذا لا نحاول... نحاول فقط.. لماذا أكتب بصيغة الجمع؟.. هل نسيت هذه المرة أيضاً أنك لست معي؟... ولماذا أتمثلك أمامي حينما أحاول الكتابة؟
اللعنة!! لقد ارتبطت صورتك عندي بالكتابة... تباً لك... وتباً لي أيضاً... بهذا الشكل لن أتمكن من الكتابة أبداً..
ليس عندي مشكلة في أنني أحبك أنت بالذات... بل لدي مشكلة مع الحب نفسه.. الأمر مرهق نفسياً.. تفكر في شخص واحد طوال ال24 ساعة في اليوم.. لا تستمتع بأي شيء طالما أنه ليس موجود.. تتخيله أمامك عندما تكتب.. تسرح في الخيالات ... تضحك.. تبكي.. دون سبب واضح... تكون مع أصدقائك ولا تشاركهم اهتماماتهم فقط تفكر أين الشخص الذي تحبه وما الذي يفعله في هذه الأثناء... تتخيل دائماً أن هناك شيئاً جميلاً جداً سيحدث في المستقبل.. تتحول حياتك كلها إلى محطة انتظار دائم لهذا الشيء ... حتى وإن كان موجوداً بالفعل.. أنت تنتظر.. تنتظر؟؟ ما الذي أقوله الآن؟؟
أنا فقط أهذي.. لا تستمع إلي...
تعرف.. صديقي القارئ.. ربما أنت من يجب أن أوجه له كل تاءات المخاطبة.. لأنك على عكس ذلك الحبيب الغير مكترث.. أنت تهتم لأمري... لهذا تقرأ لي... وأنا فعلاً ممتنة جداً .. لأنك ستقرأ كل السطور التالية في صبر .. وتستمع إلى ثرثرتي التي لا تعني لك شيئاً وأنا أقدر هذا تماماً.
أقول أنني دائماً ما أرى قصص الحب الناجحة وأتسائل.. هل سيكون لي قصة ذات يوم... لكن لماذا تكون لدي قصة وأنا كاتبة قصص؟؟ ما الذي أريده؟؟ لماذا ستختلف قصتى عن كل القصص.. على الأقل يمكنني ان أكتب أي شيء.. لا يهم ما الذي يحدث في الحقيقة... يمكنني أن أكون قصة... ولما لا ؟؟ يمكنني ان أكون الف قصة.

لكن هل هذا ما أردت ان أتحدث عنه عندما بدأت أثرثر؟؟ هل أردت أن أتحدث عن شيء معين؟؟ أم أردت فقط أن أملأ هذا الفراغ بين اشتياقي إليك وكرامتي.. لكنه فراغ كبير.. لن تملأه الثرثرة عن  شعر عمار أو عن الفوضى التي تسببت بها اليوم أو عن مشروع الديزاين؟؟
ما الذي أفعله في حياتي؟؟
ربما حان الوقت لأسأل هذا السؤال.. أنا لا أفعل شيء.. أنا أملأ اليوم فقط بأشياء تافهة.. أحضر الطعام.. اشاهد فيلم كرتون وفيليمين سينمائيين و3 مسلسلات.. أملأ ذاكرة اللاب بثرثرة فارغة... أجعل لوحة متسخة بسبب الخطوط الكثيرة التي أرسمها فيها... أجعل ورقة أخرى متسخة بسبب الألوان التي أضعها فيها.. أسميها لوحة جميلة.. أنظر لها في اعجاب لكنها لا تعجبني.. احياناً أذهب إلى الجامعة لأجلس على كرسي ضئيل وغير مريح لأحاول النوم أو التفكير في ثرثرة جديدة أكتبها أو نكتة ما ألقيها.. كل ما أفعله هو ان أتجنب أن يلوث الدكتور رأسي بكلامه الفارغ عن أسياخ الحديد المكسحة... أشعر أنا شخصياً بالكساح.. أتثائب كثيراً.... لماذا شخت قبل الأوان... لماذا أصبحت فجأة أقلد جدتي فيما تفعله.. أحاول مثلها تماماً ألا أفعل شيئاً في الحياة..... أنظر إلى ساعتي كل دقيقة.. هل مر اليوم.. لا لم يمر بعد... ربما أنتظر أن يهبط عليّ نيزكاً من السماء لينهي حياتي.. أو أصحو من النوم لأكتشف أن هذا مجرد كابوس مزعج... أو أذهب إلى الجامعة ذات يوم لأجدهم يقيمون حفلاً خاصاً من أجلي... أو أن تحدث معجزةٌ ما تقلب حياتي رأساً على عقب.... لكن على الأقل هذه الحياة تروقني كثيراً.. حياة تافهة.. أليس هذا ما أردته.. لم تكن هذه هي طموحاتي في الماضي ولكنها أصبحت كذلك مؤخراً... كل ما في الأمر أنني سئمت من محاولات تغيير العالم.... سئمت من وضع البلاد.. سئمت من التعليم.. سئمت من وضع وجهي بين الكتب طوال اليوم كأنني مخلوق حلزوني يعيش في صدفة ورقية...
أريد أن أرى كل شيء يمكنني رؤيته في الحياة.. أريد أن أسافر إلى كل بلدان العالم.. أريد أن أعرف كل شخص في العالم.. أسمع كل قصه.. أروي كل حكاية... أريد ان أكون راوية وأن أكون مستمعة في المقام الأول.. لقد عرفت الآن أن الانسان لن يتعلم شيء طالما يجلس على ذاك الكرسي الضئيل ويملأ رأسه بثرثرة تافهة عن... ـ حسناً لا أذكر عماذا تحدياً لكنها ثرثرة تافهة ولهذا نسيت ـ أما أنا لا أريد شيئاً من هذه الحياة .. إلا أن أتعلم فقط.

لا.. لن يسقط النيزك الآن... ولا مصباح علاء الدين... ولا حتى رجل المستحيل أدهم صبري في مهمة لتغيير حياتي
:D  فقط سأستمر في النظر إلى الساعة كل دقيقة لأتسائل.. هل مر يوم؟؟

حواديت

"يا نيل يا براح يا شارع.... يا كل مكان جمعنا كان ديق وساعنا..."

أصبح كل شيء ذكرى بالنسبة إلي.. كل مكان.. كل قصيدة ضحكنا فيها سوياً.. عنيتك بكلمة فيها أو بكل كلمة .... كل أغنية سمعناها سوياً.. دندناها معاً .. أو أرسلتها إلي ككلمات حبٍ مستترة.. كل بسمة ابتسمتها لي .. كل زاوية في البيت كلمتك منها.. كل شارع أمر منه.. كنا هنا معاً في وقتٍ ما..

" قولولي إنه راجع.. "
لا .. لم يعد هذا مهم.. أعرف أنك لن تعود.. وأن الماضي بكل ابتساماته وفرحته لن يعود.. أنت تعرف هذا.. تشعر بالذنب لأنك ابتعدت عني... وفي كل مرة تنصحني أن أبحث عن حب جديد.. لكني لا أعاني من الوحدة بعدك.. ولا يمكنني ملئ الفراغ الذي تركته لي.. لا بحبيب جديد.. ولا بأصدقاء كُثر.. ولا بقصائد جديدة... لا معنى لأي شيء جديد... الحب الحقيقي لا يتغير...
لكن "قولولي انه راجع.." حتى ولو كان هذا كذباً.. سأصدقكم

"بتمنى أي بهجة تهدي الجو الفظيع...."

كان المؤالف عبقرياً عندما أختار كلمة "الفظيع"... لكن هل هناك أي بهجة؟؟... ضحكاتي دائماً مفتعلة.. أنا نفسي تغيرت.. لم أعد تلك الفتاة المرحة المفعمة بالنشاط والحيوية والحب اللامتناهي للحياة.. أصبحت أجر اليوم حتى يمر.. وأنام نصفه حتى لا أشعر بأي شيء... أتعرف أي بهجة طريقها إلي؟؟


 "حاسب على كل ضحكة لحسن ممكن تضيع"
ربما فات الأوان... ربما كان يجب أن أحاسب من قبل... ربما بالغت في المحاسبة... لا أعرف تحديداً ما الذي حدث.. لكن ما أنا واثقة منه هو أن الضحكات جميعها ضاعت..

"تقوله فاكر.. يرد فاكره"
حاولت.. سألته.. أتذكر؟؟.. قال لا أذكر ... لا أريد أن أذكر.. هل يؤلمك التذكر مثلما يؤلمني.. لماذا لا نستعيد تلك الذكرايات لنضحك لا لنبكي.

"كل الماضي اتنسى.. وأنا فكيت الضفيرة.. والكل بقاله سكة ماشي في طريق سريع"
هل "اتنسى" الماضي حقاً.. أم أنك فقط لا تبذل الجهد الكافي للتذكر.. هل كانت أشياء تُنسى.. لماذا تصبح ذاكرتي أبدية معك... أنا لا أنسى... ولم أفك الضفيرة.. ولم أتخذ سكتي بعد.. لكن اختلفت طرقنا.. لم تعد أنت هنا ولم أعد أنا هنا.. ولم يعد "هنا" موجود.. أنا لا أعرف أين أنا ولا متى ولا كيف.. كنت أسألك لأعرف.

الشارع يفترق عن يوم ما كنت جمبي.... عن أول مرة قلبي بحبك يعترف ...
يا جنينة وفيها دكة ...فين الشاب الوديع؟؟
 حاسب على كل ضحكة لحسن ممكن تضيع...
ياليل ...يا براح... يا شارع... يا كل مكان جمعنا..
 كان ديق... وساعنا.... قولولي انه راجع...
بتمنى اي بهجة تهدي الجو الفظيع..
حاسب على كل ضحكة لحسن ممكن تضيع..

كانت هذه الأغنية نفسها من أساب بهجتي.. الآن حتى اللحن يبكيني... 

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

تذكرتين

"هيا نسافر لأرض الخيال..."

أريد تذكرتين واحدة لي... واحدة لك... ومن ثم ... نصعد على جناح طائر خرافي.. و هوووووووووووب.. هالالايلا... نقوم طايرين فوق قوي وبعيد قوي عن كل الناس.

"آه من شوق عملاق في بلاد أقزام....."

ياترا ما احساس العملاق في بلاد الأقزام؟؟ وما احساس القزم في بلاد العماليق؟؟ تماماً مثل إحساسي في هذا العالم... فما أنا إلا كائن خرافي خرج للتو من إحدى أفلام الكرتون... ويتمنى أن يعود لها بأقصى سرعة..

تذكرة سينما واحدة ... وسيتنهي الأمر... لماذا لم أدرس فن الاخراج السينمائي أو التصوير أو حتى أدرس الأدب.. لأصبح حكاية وحكّاية
:D كما أنا دوماً...

قالت لي "ايمان" انها قابلت فتاة متخرجة من الدفعات السابقة وسألتها عن العمل قال أنها تقبض راتب "ألف ونص" في الشهر..
"إيه؟؟؟ ألف ونص في الشهر دنا كنت بصرف أكتر من كده في ثانوية عامة... ألف ونص دي دلوقتي مبتكفينيش مصروف أكل ومواصلات بس... والله حرام مش كفاية مصاريف الكلية الهباب دي كان إيه لازمتها يعني... أنا أصلاً مكنتش عاوزة أطلع مهندسة"
ـ عاوزة تطلعي ايه يا آية؟
ـ يعني.. أي حاجة ليها علاقة بالأفلام.. مخرجة .. ممثلة... فني إضاءة... ملمعة جذم ممثلين .. أي حاجة في المجال العظيم ده... أصل انتي متعرفيش الأفلام دي هي السبب في إن احنا لسا عايشين.
ـ هههههههههههههههههه ... صحيح.. الواحد متضايق بيتفرج على فيلم... زعلان بيتفرج على فيلم... مبسوط بيتفرج على فيلم... عنده مذاكرة كتير ومشروع قد كده.. بيتفرج على فيلم.. تقريباً بنتفرج على الأفلام في كل الحالات وكل الأوقات.
ـ أيون .. يعني لو جواكي حاجة مش قادرة تطلعيها وعاوزة تعيطي هتتفرجي على فيلم رومانسي حزين... نفسك تضحكي هتفرجي على فيلم كوميدي... عاوزة يبقى عندك أمل هتفرجي على فيلم لعامر خان.
يعني أنا ليه مثلاً مكنتش بريتي زنتا ولا ريتك روشن ولا حتى أنجل اللي بتعمل شخصية الخدامة في مسلسل مرلين... أو ليه يعني مثلاً مبقاش بيل ولا حتى الوحش اللي في بيل.. أو مولان مثلاً.... معنديش أي اعتراض على تأدية شخصية موشو... على الأقل هبقى حاجة تاني غيري... أو حاجات تاني كتير وأطلع من الشخصية الغير مبتهجة والغير مبهجة الحقيقية... انتو فاكرين ان الشخصيات الكرتون ملهومش وجود في الحقيقة... لأ غلط طبعاً... يعني انت مثلاً لو بعت رسالة على الفيس لبطوط تفتكر مش هيرد عليك بالعكس هيرد.. لأن في شخصيةمستترة خلف الشخصية الكارتونية عايشة حياتها ومتوحده معاها تماماً... تخيل معايا بس كده .. واحد كل شغلانته في الحياه انه يتقمص شخصية بطوط ويرد على رسايل المعجبين باسلوب بطوط.. وممكن جداً حد يسأله عن حاجة حصلت في حلقة قديمة وهو لازم يكون حافظ الحلقات صم... ـ ايه الصعب يعني في شغلانة واحد كل شغلانته انه يحفظ الكرتون طيب منا حافطة أفلاك ديزني صم ـ  ممكن كمان ينزل في حفلة لايف وسط الجمهور أو مسرحية بشخصيته البطوطية... وهتكون الناس كلها مقتنعة إن هو ده بطوط.. ده لو مكنش هو نفسه مقتنع... أنا شفت البنت اللي بتعمل شخصية رابونزل في ديزني لاند كان شكلها قمر قوي بالشعر الطويل ده.
ـ تعالي بدال منشتغل الشغلانة ام ألف ونص دي نكمل تعليم وناخد كوسات فنون جميلة.
ـ آه طبعاً وماله... أومال نفضل جهلة كده... نفسك في حاجة تاني؟
ـ أيون ندخل معهد السينما.. ندرس اخراج وسيناريو وتصوير وكل حاجة وهيبقى معانا ديكور أصلاً يعني نقدر نعمل فيلم.
ـ وإيه كمان؟
ـ ندرس أدب بقى عشان نعرف نكتب... مهو لازم نكتب .. الموهبه محتاجة دراسة جمبها...
ـ حاجة كمان؟.. قولي كل اللي في نفسك.
ـ أيوه بقولك ايه... تعالي نقدم طلب هجرة على "ديزني لاند" بدل الشغلانة اللي مش جايبة همها دي.

الخميس، 7 نوفمبر 2013

هو أيضاً حثني على الكتابة

ههههههههههه.. لابد ان تبدأ بضحكة.... تخيل.. الدكتور أيضاً طلب مني التدوين... لست وحدك.. ابتهج إذاً... لا ليس طبيب الأسنان الذي أعرفه... ولا طبيبي النفسي ألذي أتعالج عنده بعد المشاكل التي سببتها لي... إنه دكتور التخطيط..ولا تسأل ما معنى هذا أصلاً لأني لا أعرف..
الكتابة تجعلك تهتم بالتفاصيل الصغيرة.. تدرك كم ان حاجبا صديقتك المفضلة مقوسة.. وكم أن سائق التكتك متهور.. اتراجع.. هذه يمكن أن تدركها بسهولة.
خرجت من البيت متشائمة .. أتوقع كارثة.. كان أول يوم في الجامعة بالنسبة إلي هو الكارثة.. انتهاء الأجازة كارثة أخرى.. لكن لم أكن أعرف أن كارثة ما جديدة ستحدث...
نسيت أن أسأل الدكتور هل سنحتفظ بمذكراتنا لأنفسنا أم سنقرأها علناً على الملأ.. لأنني لا أريد أن يعرف العالم كيف أفكر فيه... أو أن يعرف الناس كيف أراهم.. لأنه لو كان هناك من سيقرأ فإنني حتماً لن أكتب.
لكن كارثة اليوم لم تكن حادثة تسببت في موت ألاف الركاب.. كانت حادثة تسببت في موتي وحدي... لم ألاحظ كم كانت السماء صافية اليوم وكم كانت الشمس مشرقة وكم كان الهواء جميل... وكم كان الأفق واسعاً.. لأنه اضيق علي وحدي حتى خنقني... فجأة وبدون سابق إنذار وجدتني مفرغة وحيدة... هل أنا السبب؟؟
اتصلت بك لم تجيب.. لا بأس لعلك مشغول.. لم أتصل بك منذ قرابة الشهرين.. هل مازالت تذكرني؟؟ لابأس بقيت هي الأخرى موجودة... رأيتها وانفرجت أساريري.. هاهي للمرة الأولى التي أقابلها فيها بعد ثلاثة شهور في المعتقل.. أنا من كانت في المعتقل... عزيزتيييييييييييي أهلااااااااااااااااااااً وحشاني موت
:-*  .. لم ترد... أبعدت ناظريها عني كأنني أخطأت الشخص المقصود.. وتولت... هكذا دون كلام... وجدتني أتجمد وأسيح من الدهشة في نفس الوقت... أسندت ظهري إلى الحائط ونزلت على الأرض.. دفنت وجهي بين كفي... وأخذت أبكي... لا لأنها آلمتني... ولكن لأنني لا أفهم لماذا لم ترد علي.
قرأت الصفحة الأولى من "أرز بلبن لشخصين" .. كان هناك فارس أحلامها البطيخية وحضر... لماذا لست ك"رحاب بسام" ؟؟؟ لماذا لم يحضر فارس أحلامي البتنجانية... لماذا لا يجيب على تليفوني اليوم... لماذا لم أكلمه طوال شهور المعتقل؟؟ ليس هذا هو السؤال الصحيح... لماذا دائماً كنت مفرغة ومازلت... لماذا لا أعيد صياغة القصة... لماذا لا أكتب مذكراتي كما أريد لها أن تكون لا كما حدثت بالفعل... لما لا؟؟

أعيد القصة..
الأمس.. أروع يوم في حياتي... اليوم الذي انتظرته طوال شهور المعتقل.. يوم الخروج... وأخيراً خرجت... لماذا هناك معتقل في قصتي الخيالية؟؟ لماذا هنا تكون صديقي... سأجعله يوم آخر..
الأمس... لا أستطيع وصف فرحتي عندما نطق عمي بالكلمة المنشودة " أزوجك موكلتي آية عزت على سنة الله ورسوله وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الامام أبي حنيفة النعمان".... لماذا يكون عمي موكلي في أحلامي... لماذا يكون أبي متوفى حتى في قصة من نسج خيالي...
أعيد القصة..
بالأمس... كنت في قمة السعادة عندما نطق أبي بالكلمة التي أنتظرها منذ أعوام " أزوجك ابنتي على سنة الله ورسوله وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الامام أبو حنيفة"... نبت لي جناحين وطرت بعيداً حتى لمست السماء... لأول مرة أشعر أنني أتنفس... هل أستطيع أن أتفس؟؟ لم أعرف هذا الأمر من قبل... لاتتسائل عن سبب سعادتي .. أبي عاد للحياة... أبي عاد للحياة... ما الحاجة إليك اذاً... عد يا أبي في كلمتك... لا أحتاج إليه... أحتاج إليك أنت... في أحلامي... في قصة من تأليفي... لا أتمنى إلا أن يعود أبي للحياة.