الجمعة، 3 يناير 2014

ابن عمي والمخلفات النووية

لحظة هدوء... أريد أن أجد ذاك الخيط الضائع.... يعتقد اصدقائي أنني مثقفة... أخشى أن يكتشفوا الحقيقة..... أعتقد انا أنني كنت كذلك في وقت ما... كنت كذلك عندما كتبت "لو كان نيوتن عربياً"... كنت كذلك عندما ألفت أول كتاب... وعندما قررت نشر أول مجموعة قصصية ككتاب الكتروني ... كنت مثقفة وذكية عندما اتفقت مع كريم الشاذلي صاحب دار النشر... كنت حمقاء حينما اتصلت به لأطلب تأجيل المقابلة وها قد تأجلت إلى الأبد... كنت مليئة بالأمل والنشاط والحياة ولدي رغبة ملحة في تغيير العالم... لا أقول حلم... أقول رغبة تحركني... كنت كذلك عندما بدأت تأليف كتابي الثاني "لاتنتظر .. كن المُنتَظَر".... كنت أريد أن أصنع دولة مسلمة قوية راسية جذورها في أفكار الشباب.... كنت قد تعلمت من تجاربي السابقة عندما ذهبت بديواني لدار النشر.. كان الديوان أكثر بساطة من قضية الوحدة العربية التي تنفستها طوال سنين عمري... كنت قد بدأت أتنفس شيئاً آخر... أقول كانت أحلامي كبيرة .... أقول كان لدي أحلام.... تثقل الأحلام على كاهلي..... اصاب بالاحباط... أثقل أنا وأحلامي على أصدقائي فيتخلون عني... أتخلى انا عن أحلامي وأحتفظ بأصدقائي... أصبح أبسط مما كنت عليه... أصدقائي لا تعجبهم أحاديثي الدائمة عن الخطر الصهيوني المحدق... مُدرسة الصحافة لا يعجبها مقالي عن الأسلحة البيولوجية.... لجنة التحكيم في مسابقة الشعر لا تعجبهم قصيدتي عن المخلفات النووية  (:D ) .....أضحك من نفسي الآن... أي حماقة تلك التي جعلتني أكتب قصيدة عن المخلفات النووية 
في وقت ما أعرف أن هذا ليس مكان لأفكاري... لا أقرر تغيير المكان.. أقرر تغيير أفكاري... أجدني أنا نفسي تغيرت... لا اكتب قصيدة جديدة عن سقوط فلسطين وتخاذل العرب أو عن لذة الاكتشاف العلمي أو عن وأد البنات في المجتمع المعاصر ولا حتى عن المخلفات النووية... أكتب فقط عن (ابن عمي اللي بحبه ومش عارفة اقوله ازاي).... أفوز بجائزة عن هذه القصيدة... أعرف ان قضية (ابن عمي) أهم بكثير من قضية المخلفات النووية... أسعد كثيراً بالجائزة.... أكتب قصائد أكثر عن قضايا أكثر أهمية مثل (العريس الطويل اللي لسا مجاش) و (الأمير المستبد اللي قاعد على عرش قلبي ومش عارفه أخلعه)... أجدني أكتب مقالاً جديداً أستشهد فيه بكلمات من أغنية "نينة" لفيروز كراوية "ياريته يفهم.. حبيبي يفهم... إن القضية في الحب أبسط من لون عيونه" وأجد أن لون عيونه بالغ التعقيد لدرجة تستعصي عليها الكتابة... أقول لا مانع من التحليق على الأرض بعض الوقت....
 أكتشف ان فيه مشكلة أكبر بكتير من ضياع الهوية الفكرية وهي اني محلتش شيتات الخرسانة وممكن أسقط فيها... واني لما سرحت في المحاضرة وقعدت أفكر في فلسفة الوجود الدكتور قال حاجة مهمة وجت ف الامتحان ومعرفتش أحلها.
تصبح كل القضاية الوجودية تافهة عندما لا تكفي نقودي لشراء حقيبة جديدة للجامعة.... تصبح كل الأحلام تافهة عندما أقف ساعتين منتظرة اتوبيس 18 بشرطة.

هناك تعليقان (2):