الأربعاء، 29 يناير 2014

القوقعة

لا أدري كم عدد الرجال الذين على المرأة أن تخشاهم...

بالنسبة إليّ ... رجلٌ واحدٌ هو الأمان.... رجل واحد فقط..... وعليها أن تخشى من الآخرين... كلهم.... ولا أدري كم عددهم... واحد فقط... ليس عليّ أن أخشاه.... وهو الوحيد الذي كنت أخشاه.... لأنني حينها لم أفهم.

نفهم بعد فوات الأوان هذه هي عادتنا نحن البشر....
كنت أظن أنني تقوقعت وحبست نفسي بداخل نفسي بإرادتي.... كنت أخدعني وأخدرني بوهم كهذا... كي أرضى به.... ليس لأرضى وحسب... بل لأسعد به أيضاً.... لكن هذا العالم القاسي ... أثبت وبجدارة أنه لا مكان للمرأة سوى.... نفسها.
واذا أعيياها أحتوائها... ووجدت أنها أكبر من أن تحتضن نفسها... عليها فقط... أن تلفظ أنفاسها... وتلقي بروحها الخائرة المتعبة... خارج الزمن... خارج الأرض.. خارج الحياة.

نتأخر فقط في الفهم... انها ليست الاعاقة... إنه الأمل... ذلك الوغد الكاذب الذي يخدعنا مرة بعد مرة ولا نتوقف أبداً عن الانخداع به وتصديقة وكأننا ألفنا... بل عشقنا.... أن نبقى موهومين مخدرين مخدوعين... وأيضاً سعداء.

الأصل في الحياة اليأس... والأصل هو الموت...لا الحياة... الموت وحده أبقى من الحياة... الغياب أبقى من الحضور... يبقى الميت غائباً... لمدة تزيد عن عمره لملايين السنين... لعمرٍ آخر.... ستعيشه الأرض بدونه.... وسأعيشه أنا... أتجرع الآلام والسقطات واللعنات والتعاسات واحدة تلو الأخرى.. كل واحدة أشد من سابقتها.

كنت أعتقد أن الفقد هو ابتسامة ضائعة... حنين لذكرى لن تعود... رؤية في المنام.... كسر كل أنماط الحياة المعتادة.... وكنت أظن أيضاً أن النمط المكسور سيتحول بدورة إلى نمطٍ معتاد.... لكن النمط المكسور ظل يتكسر كل يوم... وتتكسر كسورة أكثر... وكل كسر يترك في النفس شرخاً كبيراً حتى آلت الشروخ إلى جروح دامية... لا علاج لها... ولا سبيل لوقف النزف.... حتى أكتشفت تدريجياً ... أنني... لم أفقد شخصاً..... غير نفسي.

هذا فقط يفسر بحثي لذاتي في كل الأماكن... في كل الأشياء... في كل الوجوه والمرايا.. في كل الأحياء .. لم أعرف أن ذاتي ... مع الأموات.

الأمل مجدداً: ليس حقي.

"أنا لا أعيش كمن كُسرت ساقه.. فكسر النفس أمرٌ مختلف".... هذه الجملة تتخذ معانٍ أعمق وتتجسد حقيقة أمام عيني كل يوم... كل يوم أفقد حقاً من حقوقي... أفقد حقي في اكتساب خبرة.. أفقد حقي في التعامل مع البشر... أخسر حقي في التعرف إلى أماكن جديدة... أخسر حقي في العمل .... أخسر حقي في المرض... أخسر حقي حتى في الحب.

كنت أعرف أني لا أعيش كالبشر.. لم أكن أعرف أن الحياة تُسلب مني جهاراً... يا أنت.. يا ذا الأنت في كل "أنت"... ياهو في كل "الضمائر الغائبة" ... يا قاتلي... ابتهج... ليس وحدك قاتلي... فالعالم كله يقتلني... العالم كله يمارس حقه المشروع في قتلي.

أنا لا شيء... أنا اللا شيئية المنعدمة... أنا سراب ووهم أكبر من الحقيقة..... ذاك اليوم.... لماذا؟؟ لما قلت ما قلته؟؟؟ لما جعلتني أنقم على حياتي وعلى سجني الأبدي..... أنا الركينة القابعة في ركن من أركان الحياة في ركن من أركان البيت في ركن من أركان الغرفة في ركن من أركان نفسي... لماذا طرقت الباب حينها ودخلت؟؟ لماذا صفعتني بحقيقة كنت أخفيها عن كل البشر وحتى عن نفسي.... أنا لم أتقوقع بإرادتي... لم أختار ألا تكون لدي حياة.. .. ليست شرنقة نسجتها حول نفسي احتماءً منكم ومن كل الذين خدعوني وأحبوني يوماً... إنها القضبان... إنه السجن... السجن الذي قُدر عليّ... لأنني فقط "إمرأة" ... هي تلك الكلمة السخيفة التي تحملها بطاقة هويتي أينما ذهبت.... هي كل صفات الحمق والضعف والطيبة والسذاجة والاحتمال والخوف.... المرأة... ذاك المخلوق الذي حُكم عليه بالإعدام من كل رجل...... ذلك المخلوق الذي لن يستطيع العيش أبداً في مجتمع يحكمه غير الشرفاء.

هل سأحلم مجدداً؟؟... لقد حلمت من قبل... وسعيت بكل ما فيّ إلى تحقيق أحلامي... ثم ماذا حدث.... لاشيء... نفس ال"لاشيء" تحدث في كل شيء...ومن ثم  أحلم؟؟... لا ليس مجدداً.

الأربعاء، 22 يناير 2014

يارب أمددني على عمري بعمرين

تلك الارتعاشة الباردة.. الاحساس فجأة بأنك تجمدت... الصدمة اللحظية التي تحدث عندما تتلقى أول رصاصة في ظهرك... تحدث الصدمة مفاجأة تماماً لأنك لم ترا الطلقة وهي آتية إليك... الشعور بسخونة الدم المنسال من ظهرك... قبضة القلب .... الاغماءة الشديدة ... فقدان الاحساس بالجرح... شعورك بأن روحك قد انفصلت تماماً عن جسمك وبأن مايدور حولك الآن يشبه مجرد الحلم.... جربت هذا الاحساس؟؟
أنا عشته .. بكل معانيه... بكل تفاصيله.. لكن في أحلامي... أقصد الكوابيس... أخاف من أحلامي لأنها تتحقق... أغلبها يتحقق.... أنا تلقيت رصاصة في ظهري... لماذا في ظهري وليس في صدري؟؟... لأنني جبانة... أعترف... أنا جبانة... أنا أخاف من الموت... أخاف من الحساب.. أعرف أنني مُقصرة... ينتابني خوف بشري عادي بأن الله لا يرضى عني... أخاف أن أموت الآن... أريد فرصة أخرى لأعيش كما ينبغي... لأكون أكثر براً بوالدي... أكثر التزاماً بأداء الطاعات ... فرصة أخرى أكون فيها أكثر اعماراً للأرض.. أكثر خيراً ونفعاً للبشرية.... لا أريد أن أموت الآن... لم أتب بعد عن بعض الذنوب..
يزعجني أن أعرف أنني جبانة... وأنني سأتلقى الرصاصة في ظهري وليس في صدري... يزعجني أنني سأركض... وأنني لن أكون مبتسمة كالشهداء الذين أرى صورهم... يزعجني أنني عندما أموت لن يذكر أي شخص أنني كنت انسانة لا تستحقها الحياة فآثرها الله عنده...
احياناً تطمئني فكرة أن الله يمد للظالمين والعُصاه في أعمارهم حتى يتوبو... تريحني هذه الفكرة... "أنا مش هموت دلوقتي.. ربنا هيدني فرصة تاني"... لا أحد يعرف متى ستنتهي فرصته... ربما أموت في حادثة... ربما أموت هكذا .. استيقظ من النوم لأكتشف أنني لن أستيقظ منه أبداً... .

في الماضي.. عندما كنت أقرب الى الله وكنت أحافظ على السنن والفروض.. كنت أعتقد أن هذا هو أنسب وقت للموت ... كنت أعامل كل يوم كما لو كان آخر يوم في حياتي.... كنت أضع رأسي على الوسادة وأقرأ القرآن...  أقول "ربي ان قبضت روحي فأرحمها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " دون أن تزعجني فكرة الموت... أو تخيفني حوادث الطريق... .
كنت أتمنى الشهادة .. ككل الذين تمنوها يوماً... لكنني الآن أتمنى النصر أكثر من الشهادة... أريد أن يمد الله في عمري حتى أنصره وينصرني "إن تنصرو الله ينصركم ويثبت أقدامكم"...

"يارب أمددني على عمري بعمرين"...
يارب لا أطمح إلا في المزيد من كرمك... والمزيد حلمك .. والمزيد من الوقت.... أعرف أن كل يوم هو فرصة جديدة... وأعرف أنني أضيع الفُرص... يارب لا أريد سوى المزيد من الفُرص.

الأحد، 19 يناير 2014

ولسا

ولسا بفوق وأسرح في نفس الوقت
أنام وأصحى في نفس الوقت
أموت وأحيا في نفس الوقت
ولسا الوقت بيعاند ويديني 100 أسفين
ولسا عيوني متخاصمين
ومتخانقين
عشان دمعة
ولسا الدمعة على خدي
وبتعاند عشان ترجع
ولسا البسمة في قلبي
وبتعافر عشان تطلع

ولسا بقول على نفسي
بدوس الماضي وبعدي
على الحاضر إلى الآتي
ولسا الوقت بيعدي
وأنا لسا معدتش

وأقول بكرة أكيد أحلى
أكيد بكرة هيجي في يوم
لكني في يوم
صحيت من النوم
لقيت بكرة.. بقى امبارح!!

الاثنين، 6 يناير 2014

الحفرة

لا أعرف لماذا عندما يقع شخص في الحب يقولون أنه "وقع" ... أعتقد ان الحب نوع من أنواع الحفر أو البلاعات التي تملأ الشوارع... لهذا تصورت سيناريو محدد عن طريقة الوقوع في مثل هذه الحفره.
 نمشي سوياً في الطريق إلى لا شيء... لا يوجد أي أهداف في هذا الطريق سوى أن أكون معك وتكون معي... نسير طويلاً مشبكين أيادينا في سعادة تامة ومرح... في وقت ماً .. نصل إلى شيء ما... لا نعرف ما هو تحديداً... نقترب أكثر... أعرف انا بذكائي الخارق أن هذه حفرة... وأننا لو أكملنا الطريق سنقع حتماً في هذه الحفرة... أتمنى وبشده الوقوع في هذه الحفرة... أعرف أننا لو وقعنا سنكون أكثر سعادة... سنمضي وقت أطول معاً... ربما كلانا يتمنى الوقوع في هذه الحفرة بالذات... لكنني أجد نفسي أكثر نباهة منك... أعلم تماماً أنك ترى الحفرة مثلي... لكني أشك في قواك العقلية وفي مدى ادراكك لخطورة الوقوع في هذه الحفرة.... أقف على الحافة والتفت إليك... أقول " على فكرة قدامنا حفرة هنقع فيها" اجد تعبيرات وجهك تقول" ليه قلتيلي ليه قلتيلي"... هنا يوجد فقط عدد قليل جداً من الاحتمالات:

الاحتمال الأول: أن نفصل أيدينا عن بعضها ونترك بعضنا لفترة نلتفت فيها حول الحفرة... لا نعرف متى ستنهي الحفرة... يبدو الالتفاف حولها صعب.. لكنه يعني في النهاية أننا سنفترق... ربما نتوه ولا نستطيع ايجاد بعضنا مرة أخري... ربما أضيع أنا وحدي للأبد... ربما يسقط كل منا في حفرة أخرى بمفرده... لا أحب هذا الاحتمال.

الاحتمال الثاني: نحن ندرك خطورة الوقوع في هذه الحفرة ولا نريد أن نقع فيها... لا نريد حتى أن نتجاوزها... نشعر بالندم لأننا وصلنا إلى هذه الحفرة مبكراً.. نتمنى أن نعيد كل شيء إلى الوراء ونبدأ من البداية ونمشي بخطى بطيئة جداً ونحن واثقون أننا سنصل إلى نفس الحفرة لكننا فقط نريد أن نبقى وقت أطول مع بعضنا البعض... لكن حينما نعود للوراء لا نجد نقطة البداية مكانها... في النهاية سنفترق في مكان ما... لا أحب هذا الاحتمال.

الاحتمال الثالث: أنا أريد أن أقع في الحفرة...أنت لا تريد..... أنا أريدك أن تقع معي... أزج بك الى الحفرة ثم أقفز انا الأخرى... لكنك ستلومني وسألوم نفسي طوال الوقت على هذا.. في النهاية ستتمكن أنت من الخروج من الحفرة... وسأبقى أنا فيها بمفردي طوال الوقت.

الاحتمال الرابع: كلانا يعرف أنها حفرة... لكننا نتجاهل الأمر وحسب... نريد أن نحافظ على تشابك أيدينا... نستمر في المشي وحسب... نقع في الحفرة... ثم نخرج منها بعد قترة من الزمن... نتذكر الوقت الذي كنا أحمقين فيه لدرجة أننا وقعنا معاً في نفس الحفرة ونضحك
:D
أذكر انني عندما شرحت لك هذا الأمر ذات يوم قلت "أنا ممكن أزقك جوه الحفرة وأطلع أجري" ....

أنا لا أفضل أي من الاحتمالات الثلاثة... أريد حلاً سلمياً آخر.. أعرف أنك ربما لن تقدر عليه.... أريدك أن تساعدني على ردم هذه الحفرة... أعرف انه أمر شاق جداً وأصعب من مقدرتي ومقدرتك... أريد فقط ان نستغرق بعض الوقت في ردم هذه الحفرة سوياً.. ثم نشبك أيدينا مرة أخرى... نكمل في نفس الطريق.... .

الجمعة، 3 يناير 2014

ابن عمي والمخلفات النووية

لحظة هدوء... أريد أن أجد ذاك الخيط الضائع.... يعتقد اصدقائي أنني مثقفة... أخشى أن يكتشفوا الحقيقة..... أعتقد انا أنني كنت كذلك في وقت ما... كنت كذلك عندما كتبت "لو كان نيوتن عربياً"... كنت كذلك عندما ألفت أول كتاب... وعندما قررت نشر أول مجموعة قصصية ككتاب الكتروني ... كنت مثقفة وذكية عندما اتفقت مع كريم الشاذلي صاحب دار النشر... كنت حمقاء حينما اتصلت به لأطلب تأجيل المقابلة وها قد تأجلت إلى الأبد... كنت مليئة بالأمل والنشاط والحياة ولدي رغبة ملحة في تغيير العالم... لا أقول حلم... أقول رغبة تحركني... كنت كذلك عندما بدأت تأليف كتابي الثاني "لاتنتظر .. كن المُنتَظَر".... كنت أريد أن أصنع دولة مسلمة قوية راسية جذورها في أفكار الشباب.... كنت قد تعلمت من تجاربي السابقة عندما ذهبت بديواني لدار النشر.. كان الديوان أكثر بساطة من قضية الوحدة العربية التي تنفستها طوال سنين عمري... كنت قد بدأت أتنفس شيئاً آخر... أقول كانت أحلامي كبيرة .... أقول كان لدي أحلام.... تثقل الأحلام على كاهلي..... اصاب بالاحباط... أثقل أنا وأحلامي على أصدقائي فيتخلون عني... أتخلى انا عن أحلامي وأحتفظ بأصدقائي... أصبح أبسط مما كنت عليه... أصدقائي لا تعجبهم أحاديثي الدائمة عن الخطر الصهيوني المحدق... مُدرسة الصحافة لا يعجبها مقالي عن الأسلحة البيولوجية.... لجنة التحكيم في مسابقة الشعر لا تعجبهم قصيدتي عن المخلفات النووية  (:D ) .....أضحك من نفسي الآن... أي حماقة تلك التي جعلتني أكتب قصيدة عن المخلفات النووية 
في وقت ما أعرف أن هذا ليس مكان لأفكاري... لا أقرر تغيير المكان.. أقرر تغيير أفكاري... أجدني أنا نفسي تغيرت... لا اكتب قصيدة جديدة عن سقوط فلسطين وتخاذل العرب أو عن لذة الاكتشاف العلمي أو عن وأد البنات في المجتمع المعاصر ولا حتى عن المخلفات النووية... أكتب فقط عن (ابن عمي اللي بحبه ومش عارفة اقوله ازاي).... أفوز بجائزة عن هذه القصيدة... أعرف ان قضية (ابن عمي) أهم بكثير من قضية المخلفات النووية... أسعد كثيراً بالجائزة.... أكتب قصائد أكثر عن قضايا أكثر أهمية مثل (العريس الطويل اللي لسا مجاش) و (الأمير المستبد اللي قاعد على عرش قلبي ومش عارفه أخلعه)... أجدني أكتب مقالاً جديداً أستشهد فيه بكلمات من أغنية "نينة" لفيروز كراوية "ياريته يفهم.. حبيبي يفهم... إن القضية في الحب أبسط من لون عيونه" وأجد أن لون عيونه بالغ التعقيد لدرجة تستعصي عليها الكتابة... أقول لا مانع من التحليق على الأرض بعض الوقت....
 أكتشف ان فيه مشكلة أكبر بكتير من ضياع الهوية الفكرية وهي اني محلتش شيتات الخرسانة وممكن أسقط فيها... واني لما سرحت في المحاضرة وقعدت أفكر في فلسفة الوجود الدكتور قال حاجة مهمة وجت ف الامتحان ومعرفتش أحلها.
تصبح كل القضاية الوجودية تافهة عندما لا تكفي نقودي لشراء حقيبة جديدة للجامعة.... تصبح كل الأحلام تافهة عندما أقف ساعتين منتظرة اتوبيس 18 بشرطة.