كم مرة كتبت أحلامي ... أعتقد كثيرا .. ثم تغيرت لكن هذا مهم .. نحن نكتب كي لا ننسى .. ليس هذا وحسب .. نحن نكتب لأننا نفكر.. لأننا نريد أن نفكر.. فعندما أحظى بوقت فراغ كهذا ... 5 ساعات لنفسي .. لنفسي وحسب .. لا يوجد غسيل أطباق ولا يوجد عمل مؤجل ولا يوجد كتاب أقرأه .. فإنني عليّ أن أفكر .. وللصدف السيئة فإنني كلما حظيت بهذا الوقت أفكر فيك.. أتعجب كيف أننا بائسون كبشر .. لا أحد يستطيع أن يكون الأول في حياة نفسه ... لا بد أن يكون الأول في حياة شخص آخر ... كنت أسمع محادثات أبي وأمي وأنا صغيرة ... يتكلمون لساعات طويلة لا عن شيء غيرنا.... هذه طبيعتنا البشرية مهما أنكرناها .. عليك أن تحب شخص ما وأن تهتم به ... أفكر في الأشخاص الآخرين الذين أهتم بهم غيرك... أخي، أمي ، أختي ، ابنة أختي، صديقتي.. لكن مهما كان اهتمامي بأي انسان لن يكون أبداً.. كافناء أبي لحياته فينا.... لا أتحدث عن أمي .. فأبي الغائب الحاضر ... لكن أمي وحدها تسير في الطريق الطويل .. الجزء الأكبر في البناء الذي تركه أبي .. ستكمله أمي وحدها .. وحدها تماما ً... لكن لا مشكلة .. فالانسان لا بد أن يهتم بشخص آخر ... دون أن يدرك أو يعي هذا الشعور لكنه يفعل هذا وحسب.. .
أنا أيضا أعتقد أن فراغا ما في حياتي سيمتلىء بالأولاد .. الكثير منهم أو القليل.. لكن ستكون الحياة مختلفة .. غير مكررة .. جميلة ومليئة بالانتصارات... أول كلمة ، أول خطوة ، لبس العيد ، أول عام في المدرسة ، أول فرحة وأول حزن وأول حب وأول خيبة .. لكل ابن أول كل شيء .. وأنا أول حُب... وتصبح القصص كلها مسلية ولو حكيناها ألف مرة ... .
مهما فكرت ومهما كتبت عن أحلامي ... أنا أعرف أحلامي جيدا .. أعرف أني أريد أن أكون رائدة أعمال ومعمارية ورسامة .. .. لكن لا أعرف أو لا أعترف بهذا الشعور في داخلي .. أني أحتاج إلى .. انسان أهتم به... أقضي هذه الساعات الخمس وأكثر منها بكثير أفكر فيه .. ماذا يريد .. كيف يشعر .. أو حتى ماذا سأطهو له على الغداء... .
إن هذا التفكير يتنافى مع كل دعوات التحرر والأستقلالية .. لكنه يتسق جدا مع الطبيعة البشرية .. على كل حال لا يمكننا أن نبتعد عن الطريقة التي خُلقنا بها.... لا أبرر تفكيري هذا الآن .. لكن لنكن واقعيين .. ما الذي سيفعله الإنسان لو كان وحيدا .. ما الذي يطمح إليه .. أعتقد لن يكون هناك الكثير من الأحلام في جعبته... حتى لو كان هناك الكثير من الأحلام .. لن تكون هناك دوافع كافية ليتحرك من أجل هذه الأحلام ... لا يحب الإنسان نفسه بالشكل الكافي ليكن محور حياته الوحيد ... فلو افترضنا موقفا جدليا مثلا ، سقط هاتفك المحمول في النهر فإنك لن تقفز مباشرة خلفة، فأنت الآن تفكر في نفسك أولا، ما أهمية الهاتف على أية حال .. لكن لو سقط هاتف ابنتك أو أختك أو أي فتاة تحبها - أو حتى لا تحبها- فإنك حتماً ستفكر في القفز خلفه ، أو على الأقل ستبدي اهتماماً أكبر ... .
لا أعرف ان كان علم النفس يتفق معي أم لا .. لكن أعرف أن هذا حقيقي... وأن دعوى الاستقلالية ومحاربة الزواج من باب التحرر هي ضرب من الكسل والأنانية معاً.. وفي الحقيقة هي استقلالية زائفة .. لا تريدين الاعتماد على زوج أو أسرة .. لكن لا تستطيعين التخلي عن أصدقائك الأوفياء فأنت في النهاية هذه طبيعتك البشرية وستنتصر رغماً عنك.. .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق